سورة يوسف - تفسير تفسير الزمخشري

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (يوسف)


        


{قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ لَا تَقْتُلُوا يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ (10)}
{قَائِلٌ مّنْهُمْ} هو يهوذا، وكان أحسنهم فيه رأيا. وهو الذي قال: فلن أبرح الأرض. قال لهم: القتل عظيم {وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَةِ الجب} وهي غوره وما غاب منه عن عين الناظر وأظلم من أسفله. قال المنخل:
وَإنْ أنَا يَوْماً غَيَّبَتْنِي غَيَابَتِي ***
فَسِيرُوا بِسَيْرِي في الْعَشِيرَةِ والأَهْلِ ***
أراد غيابة حفرته التي يدفن فيها. وقرئ: {غيابات} على الجمع. و {غيابات} بالتشديد.
وقرأ الجحدري {غيبة} والجب: البئر لم تطو، لأن الأرض تجبّ جباً لا غير {يَلْتَقِطْهُ} يأخذه بعض السيارة بعض الأقوام الذين يسيرون في الطريق. وقرئ: {تلتقطه} بالتاء على المعنى؛ لأنّ بعض السيارة سيارة، كقوله:
كَمَا شَرِقَتْ صَدْرُ الْقَنَاةِ مِنَ الدَّمِ ***
ومنه: ذهبت بعض أصابعه {إِن كُنتُمْ فاعلين} إن كنتم على أن تفعلوا ما يحصل به غرضكم، فهذا هو الرأي.


{قَالُوا يَا أَبَانَا مَا لَكَ لَا تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُ لَنَاصِحُونَ (11) أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَدًا يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (12)}
{مالك لاَ تَأْمَنَّا} قريء بإظهار النونين، وبالإدغام بإشمام وبغير إشمام. و {تيمنا} بكسر التاء مع الإدغام. والمعنى: لم تخافنا عليه ونحن نريد له الخير ونحبه ونشفق عليه؟ وما وجد منا في بابه ما يدل على خلاف النصيحة والمقة وأرادوا بذلك لما عزموا على كيد يوسف استنزاله عن رأيه وعادته في حفظه منهم. وفيه دليل على أنه أحسّ منهم بما أوجب أن لا يأمنهم عليه {نرتع} نتسع في أكل الفواكه وغيرها. وأصل الرتعة: الخصب والسعة. وقرئ: {نرتع} من ارتعى يرتعي. وقرئ: {يرتع ويلعب} بالياء، ويرتع، من أرتع ماشيته.
وقرأ العلاء بن سيابة: يرتع بكسر العين، ويلعب، بالرفع على الابتداء.
فإن قلت: كيف استجاز لهم يعقوب عليه السلام اللعب؟ قلت: كان لعبهم الاستباق والانتضال. ليضروا أنفسهم بما يحتاج إليه لقتال العدوّ لا للهو، بدليل قوله {إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ} [يوسف: 17] وإنما سموه لعباً لأنه في صورته.


{قَالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ وَأَخَافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ (13)}
{لَيَحْزُنُنِى} اللام لام الابتداء، كقوله: {إِنَّ رَبَّكَ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ} [النحل: 124] ودخولها أحد ما ذكره سيبويه من سبي المضارعة. اعتذر إليهم بشيئين، أحدهما: أنّ ذهابهم به ومفارقته إياه مما يحزنه، لأنه كان لا يصبر عنه ساعة.
والثاني: خوفه عليه من عدوة الذئب إذا غفلوا عنه برعيهم ولعبهم، أوقلّ به اهتمامهم ولم تصدق بحفظه عنايتهم. وقيل: رأى في النوم أنّ الذئب قد شدّ على يوسف فكان يحذره، فمن ثم قال ذلك فلقنهم العلة، وفي أمثالهم: البلاء موكل بالمنطق. وقرئ: {الذئب} بالهمزة على الأصل وبالتخفيف. وقيل: اشتقاقه من تذاءبت الريح إذا أتت من كل جهة.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8